أحدث الإضافات

مشكلة الدعوة إلى الدين و المعتقد

المتصفح لمواقع و برامج التواصل الإجتماعي يراها مليئة بمن يدعو إلى معتقده و دينه و يحاولون إقناع الآخر أن دينه و معتقده غلط! وهذا لايتوقّف على الإنترنت فشوارعنا مليئة بالتبشيريين المسيحيين و هيئات الدعوة الإسلامية وغيرها. و الغريب في الأمر هو أن هذا ينطبق على جميع أنواع المعتقدات إسلام و مسيحية و إلحاد و لادينية و لاأدرية و غيره. فحتى المحلدين يتبعون نفس الأسلوب و يظهرون نفس الرغبة في دعوة الآخرين إلى معتقدهم الإلحادي. كما أن الدعوة لاتتوقف على الدعوة من ديانة إلى أخرى بل هناك دعوة إلى مزيد من “الإيمان و المعتقد” حتى في الديانة نفسها لدرجة أنك قد تكون جالساً في مطعم عربي مثلاً في أمريكا و يأتيك جماعة الدعوة ليدعوك إلى مايعتقدون أنك لست عليه و أنه الأفضل, هكذا وبدون سابق معرفة. و مع أن بعض الديانات مثل الإسلام و المسيحية تحفّز و تحث متّبعيها على الدعوة و التبشير إلّا أن رغبة الدعوة إلى المعتقد تبدو وكأنها متأصّلة في التّكوين النفسي عند الإنسان. و الإنسان الذي يدعو الآخر إلى معتقده لابد أن يكون لديه الأوهام التالية:

  • وهم أن معتقده على حقّ و لا ريب فيه.

  • وهم أن معتقد الآخر على باطل  (نظرة تمييز طائفي و ديني).

  • وهم أنه بدعوة الآخر إلى معتقده فهو يفعل خيرا و ينقذه من العذاب أو من الضياع.

و الأوهام المذكورة أعلاه هي تماما كيف يرى الأشخاص المختلفون بالمعتقد بعضهم البعض. بل أيضا كيف يرى المختلفون مذهبياً في نفس الديانة بعضهم البعض, سنّة و شيعة مثلا.

قد تكون رغبة البشر لدعوة بعضهم البعض إلى معتقداتهم نابعة عن الإعتقاد بأن هذا عمل خير لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ماذا استفادت البشرية من هذه الدعوة و هذا الجدال؟ وهل هذا هو المطلوب من البشرية؟

لقد تأصلت فكرة الدعوة و التبشير في الديانات إلى درجة أنها أصبحت هدفا و جزأً من حرفة الكهنة. فأصبح لها هيئات و لجان ومراكز و إعلام و دعاية و نشاطات كلها في سبيل تغيير معتقد الآخر. وفي الدين نفسه اصبح تركيز الدعوة على الشعائر كالصلاة و الصوم و التحليل و التحريم و الفتوى أكثر من أي شيء أخر. كما أنه في بعض المناطق المنكوبة يتم إغراء الناس المنكوبين بالطعام و المسكن و الأمان مقابل تحويل معتقداتهم أو بالأحرى و لائهم الديني حتى من مذهب لآخر في نفس الدين. و الأخطر من ذلك هو إجبار الناس بالعنف و القوّة على تحويل دينهم أو الموت وهذا بالذات نراه عند التطرف الإسلامي لمن ليس من “أهل الذّمة”  أمّا “أهل الذّمة” فعليهم دفع الجزية!

ربما المقصود من الرغبة المزروعة لدى البشر في الدعوة هو أن يدعوا بعضهم البعض إلى الصلاح بمافيه الأخلاق الحميدة و العمل الصالح و مساعدة و  محبّة الآخر بغض النظر عن المعتقد إلحادياً كان أم دينياً. ففي الواقع لايهم الإنسانية ماهو المعتقد الديني للشخص أيؤمن بإلاه ,و برسل, وكتب سماوية , وملائكة و بجنة و نار ام لايؤمن فالمهم هو أن يؤمن بأنه يجب أن يكون أخلاقيا مسالما إنسانيا مبدعا منتجا في هذه الدنيا, فهذا هو بعينه ما ينفع الناس و هذه الصفات عالمية يتفق عليها البشر جميعا و يكفرون بها في سبيل المعتقدات الغيبية الدينية فيتم سلب الآخر من حقوقه أو قهره لأنه من غير دين مع أنه إنسان. ولذلك إنه من الأجدى أن تتحول كل جهود الدعوة العقائدية إلى جهود إنسانية لإصلاح أحوال الناس من خلال التعاون الإنساني الأخلاقي. فبدلاً من بناء المعابد الدينية وتأسيس لجان دعوة و تبشير التي يصرف عليها و على القائمين عليها الملايين, و التي من اهم اهدافها الدعوة الى الدين في المعتقد نفسه و للمعتقدات الأخرى, الأفضل هو بذل الجهود لبناء الإنسان الإنساني الخلّاق الخلوق المبدع المنتج, و في هذا يتوحد الناس جميعا بدلاً من تفرّقهم بين المعتقد و اللامعتقد.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*